description of gif

الطبيعة

يتدرج عبدالعال في الدخول على متن خطه إلى الروض. فحين يأتي هذا الخط من البحر، لا يحمل معه الضوء فقط، بل حركة التموج أيضاً، وبالتالي، يرسم البر على نمط مائي متلوي ومتمايل، كما لو أن الفنان لا يزال يشاهده من الشاطئ، وعلى وقع اليم، ومده وجزره. يظهر المنظر البري من بعيد، وقد غلبت الزرقة عليه، أكان كخلفية صريحة، أو مختلطة ومغيبة بالخضرة، والحمرة، مثلما يظهر نازلاً في جل، ومستوياً منه ليشكل سهلاً، له عمق عشبي، وسطح شجري. المنظر، وفي إرتسامه على هذا المنوال، يرحب، وينفرج، وذلك، على الرغم من تموجه الذي لا يجعله متوطداً.
يسبح الخط أكثر في البر، وبفعل قريب من فعل الكاميرا، يحاول عبدالعال أن يلتقط جزءاً من ذلك المنظر، الذي يكفل له تسكين وقع البحر، والوصول إلى موطئ. يقترب الفنان من المنظر إياه أكثر، ويعين فيه قسماً، يبدو داخله منزلاً في أعلاه الشجري، وسهل قمحي في أسفله. عندها، تنقلب الخلفية من زرقة الماء إلى خضرة النبت. لا يزول التموج، لكنه، يغلظ، ما يدل على أنه في وشك الإنتهاء. فاللطخات، أو الأمواج اللونية، ثقيلة وثخينة، وتتوزع على طول الأرض، ووحدها الأشجار ترتفع على شبه إستقامة، ومعها البيت، بحيث أنها، وعلى شاكلته، ليست في مهب الماء، بل في مهب الهواء. فمن خلالها، بواسطة رسمها، يرسخ عبدالعال الأرض، ويخفف من تموجها، ساحباً البحر من تحتها.
ومن جديد، يقرب عبدالعال كاميرته الخطية من القسم، الذي التقطه من المنظر الرحب والمنفرج، وبهذا، يواصل . وكلما دنا الخط أكثر من موطئه، 1تسكين يم البر وتمايله عبر شجرتين، وعبر تثبيت المنزل، وجعله المقصديزهو حوله اللوني، مثلما يصير الضوء، أو بالأحرى الإشعاع، خلفية، منها، يتسلل النبت الأخضر. على أن البحر لا ينحسر تماماً، بل أنه يتحول إلى نهر، يهبط بمجراه من شجرة قدام المنزل، بدون أن يكون مائياً، بل ترابياً، كأنه إمتداد لجذعها الخشبي.
لا ينزع عبدالعال اليم من مناظر الروض بالكامل، يبقي عليه، لأنها، من ناحية، روض ساحلية، ولأنه، من ناحية أخرى، يمدها بضروب الحياة، إذ أنها، وفي أثره، تواصل التحرك، لا سيما أنها تخلط بينه وبين الهواء، والتراب. روض عبدالعال حية، ترتفع فيها الأشجار لكي لا تلخبطها الأمواج، أما، المنازل، فلكي يهبط فيها الخط، باعتبارها موطئاً له، حيث سيبحث عما هو قريب من عمقه المائي، ليحل داخله. والعمق، هنا، ليس قعر البحر، الذي أتى منه حين دخل السماء، وولد طائراً، وليس الذي ذهب إليه فولد سمكة، فقط، بل أنه الوجه أيضاً. فقد كانت رغبته، عندما مضى إلى الروض، أن يخلق ممراً لأصحاب الوجوه، أن يفتح البوابات للفلسطينيات المحتجزات بين الإنتظار والأمل.