description of gif

قصائد

لوحة وفنان

بين الجبال والوهاد...والجداول والمروج، باحثاً عن الحقيقة، في أعماق الطبيعة ملهمة الانسان والفنان، يصبغ ألوانه ويرشق خطوطه مترجماً لغةٍ غير متعارفٍ عليها الا لذوي النفوس الكبيرة، لغة النفس والروح، لغة الاحساس والوجدان. وبين تأملاته برزت عجوز تحمل أعوامها السبعين لترمي بها على عصاها محاولة الاستدلال على الطريق... ترك ألوانه، وأمسك بيد العجوز محاولاً مساعدتها لسلك الطريق، ولكنها سحبت يدها بلطف قائلة، لا يا بني اني أعرف الطريق جيداً ولكني أبحث عن فنان بائس قد نذر نفسه لعرفان الحقيقة، قال وماذا تريدين منه أيتها الوالدة؟ ...قالت، جئته بهديه، وكأن العجوز استدركت ما تقول، وسألته عن اسمه...اسمي خلعه علي والدي ثم أنه لا يمت للحقيقة بصلة، ثم عادت وسألت، ما هو عملك أيها الشاب البائس؟ ...أخرج ما فيه زفرة طويلة لطالما اختزنت في صدره الكبير، أفتش عن الحقيقة في عالم لا حقيقة له...ثم عادت مرة أخرى وسألت ما هي أمنيتك؟ ...أن يرقص الطير مغرداً فرحاً لا مجروحاً من الألم، مالت العجوز على جنبها الأيسر متئكة على العصاة...ثم مدت يدها اليمنى وأخرجت من جيب سترتها قيثارة... قالت هذه هديتك يا بني... حمل قيثارته وعاد حيث كان جالساً يجر الخطوط ويطلي الألوان تاركاً على لوحته فتاة تتراقص في أحضان الطبيعة. عزف بالقيثارة فتمايلت فتاته من على لوحته...ومع الأنغام والنسمات اهتز عالمه الكبير...وخرجت من بحر الوجدان فتاته أشبه بحلم جميل... سألته طلباً تحققه له... تسائل، وتسائل طويلاً...ترى ماذا يريد؟ ...وبعد تساؤلاته أجاب...الا تدمع قلوب الشيوخ، وان لا تشيخ قلوب الأطفال، وأن يترفق القمر بقلوب العشاق. أجابت، دع شريعة البشر للخالق...واطلب رغبتك انت...أجاب، أن لا يسخر الصباح من ابتسامة العذراء، وأن لا يصطبغ الأصيل بدماء الأبرياء، وأن لا تحرق شمس الخريف زهرات بستاني... قالت دع الكون يدور في مداره واطلب رغبتك انت...أجاب، أن يحمل بحر أحلامي فتاة في براءة الأطفال وجمال الصباح وعمر الزهور. وبين الواقع والخيال حمل فتاته محلقُ في عالم الروح والوجدان غارقُ في قبلة خالدة...صادقة كبرعم النرجس للفراشة.

العبورُ إلى الضفةِ الأخرى

العبورُ إلى الضفةِ الأخرى

 

ترجّلوا

وكان الليلُ في آخرهِ

والفجرُ يكاد

حملوا أحلامي

أسرجوها على ظهر جواد

سهروا..

عَبَروا..

والناسُ رقاد

ناموا

حلموا باليقظة

بسمكةٍ على شاطئ عكّا

بطفلٍ يولدُ مع زهرة

والإصبع نامَ على الزناد

ناموا حلموا باليقظة

بسمكةٍ على شاطئ يافا

والأملِ النائمِ في غزة

سهروا..

عبروا..

والناسُ رقاد

أعادوا الشمسَ لعليائي

بدماءِ الطُّهر،ِ بغنائي

والصبحُ سمعتُ بمذياعي

عَبَرَ البحرَ إلى أرضي،

ثمانية جياد

وكان الليلُ في آخرهِ

والفجرُ يكاد

. البحرُ لن يغفرَ

البحرُ لن يغفرَ 

 

يومَ وُلِدتُ

كان الأفقُ جمراً وناراً

إلهُ الحربِ كان حاضراً

عمّدني ضدَّ الموتِ.. وضدَّ الدم

نزعَ البُرْقُعَ عن وجهي

ورسمَ الحريةَ على زندي وشمًا

وطلب مني الانحيازَ إلى خطِّ الفقراءِ

والمتمرّدينَ على زمنِ اليأس

علّق على صدري حجاب حِرْز

وفتح البحرَ واليابسةَ والفضاء..

إليَّ طريقاً

مشيتهُ بين سرابِ النهارِ

وضبابِ الليل

تلا عليّ آياتَ العشق

المِبْخَرَةُ كانت بيد

وبالأخرى كان المِسْكْ

آخرُ الحبِّ الصّلب

غزلوا أيامهم شِباك  

نشروها على امتدادِ بحرِ العشق 

لوّنت الشمسُ أجسادَهم والوجوه 

زرعوا على الشواطئِ أعلاماً.. وأحلاماً 

بانتظارِ الأسماكِ المنغلقةِ من أعماقِ اليَمّ 

آلافُ الشِّباك والغدارات.. وسِلال القصب امتلأتْ بالأسماكِ الملونةِ 

كَحُلِمِ ليلةِ صيف 

لكنّ الشعراءَ وحدهم يغوصون في الأعماق  

وقفتُ محايداً بين البحّارةِ والشعراء 

لا أجيدُ الشعرَ والغَوْص 

ولا الإبحارَ إلى الشواطىءِ البعيدة 

أبحثُ عن حبيبتي 

حوريةً مسجونةً في صندوقِ قرصان 

مرصودٍ لشاعرٍ حالمٍ تعلّم الحكمة 

والإبحارَ بين الأعماق..  

والتحليقَ بين النجوم 

مرّت الأزمان  

وما استطاعَ الإفلاتَ من الغَوْص 

المعرفةُ معلقةٌ على صدرِ آلهةِ الخيال  

حملتُ ألواني وصبغتُ الوجوه بالأسود 

انخسفَ القمرُ وعمَّ الظلام 

سمعتُ البحَارةَ من البعيد 

يغنون مواويلَ حزينةً 

لقمرٍ مفقود 

خفتُ.. ارتبكت..  

لوّنتُ الوجوهَ بالأبيض.. انكسفت الشمس 

دخل العالمُ في ضباب.. واحتجبت الرؤية 

من البعيدِ.. البعيد، سمعتُ البحارة ثانيةً 

أشعلوا القناديل..  

ضاعت بين البحرِ والشاطئِ.. 

ومنارةِ الدرب 

بوصلةٌ 

في جعبةِ فنانٍ متأمل 

خفتُ.. ارتبكت ثانيةً 

قذفتُ بالإزميل والألوانِ وصورة العاشقة 

ارتفعت الأمواجُ ومزّقتْ الشِّباكَ والأحلام 

واختطفت معها السِّلالَ والأسماكَ وأجسادَ الصيادين 

سمعتُ صوتَ آلهةِ الحبِّ والخيالِ.. ينادي 

إنّهُ الطوفان.. لاخلاصَ لكم.. جميعُكم بحكمِ المفقود 

شاعرٌ وحالم.. فنانٌ وبحارٌ وحكيم 

لا سفينةَ خلاصٍ لكم 

ولا نوح جديد

حلمُ فارسٍ لم يترجّل

أَرسمُ شمساً  

أحفرها على جبينِ الزمن 

أُعَلِّقُها علامةَ ضوءٍ 

في مدخلِ التاريخِ الجديد 

الليلُ طويلٌ.. طويل 

وحارسٌ ينفخُ البوقِ لإيقاظِ النيام 

تتجمّعُ خيولٌ حُمر.. بألوان قوسِ قزح 

وفرسانٌ ممطوطةُ الأعناق 

ورماحُ حقٍّ تلمعُ في الأفق 

كأنها سنابلُ قمحٍ خضراءَ تتحدّى اليباس 

ويمرّ موكبُ الجياد  

جيادٌ صدورها مزدانةٌ بالحلمِ والنقوش 

ظهورها مُسرّجة بالأملِ والحنين 

أسمعُ صوتاً ينادي 

أيها الفرسانُ.. الفرسان 

جائزةٌ للفائز؛ 

عروسٌ عربيةٌ ممهورةٌ بالدم 

وحلمٌ مضيءٌ على مرِّ السنين 

امتطيتُ حصاني، وأشهرتُ سيفي  

النائمَ في غِمْدِه 

قرونَاً طويلة  

رفعتُ ترساً مكتوباً عليهِ  

بلغاتٍ قديمة 

وحجاباً معلّقاً على خاصرتي 

رافقني منذ الولادة 

تهيّأتُ.. تقدّمت 

كانت كلُّ الساحاتِ خاليةً إلا من الصمت 

فَتَحْتُ عينيّ  

وحملتُ جسدي الغارقَ 

في سريرِ الشرق 

كان الليلُ قد رحل 

وأَطلَّ الصباحُ شاحباً 

لكنّ السوادَ ما زال يلوّنُ النهار 

وواحة الصحراءِ العربيةِ، خالية 

سرابٌ.. سراب 

والفرسانُ والجيادُ لفّتها دائرةُ الضباب 

وحدي في الزاوية أَرْقُبُ الساحةَ من بعيد 

علَّ الشمسَ تغيّرُ مسارها 

ويولد فارسٌ جديدٌ يشقُّ جدارَ الصمت 

ويعلنُ بزوغَ الفجر

أغنيةُ الوشْمِ الأخضر

يمتطي طيفَ شراعٍ أبيض 

يرفعُ قلوعَهُ المتعبةَ في وجهِ الريح 

يشقُّ عبابَ اليمّ بِعناد 

يبحثُ عن حبيبةٍ أضاعها 

على شاطىءِ الأماني يوماً  

غجريُّ الملامحِ والطبع 

يفتحُ صدرهُ للبحر 

ويُشْهِرُ سيفهُ في وجهِ العاصفة 

علّهُ يصلُ 

دائرةَ الحبِّ والفرح 

متيقظاً.. 

متوحداً 

ترافقهُ طيفَ صورةٍ  

علَّقَها على ساريةِ السفينة 

لا يعرفُ وجهَها 

لكنّ طيفَها يداعِبُه 

لا يعرفُ اسمَها 

لكنّ أغنيةً كانتْ تُردّدها 

مكتوبةٌ على زندهِ كالوشم 

ترتعشُ تأمُّلاته 

ويرتجفُ البحرُ  

تتوجّعُ السفينة 

وتسقطُ بين الأمواج جثة  

تنتصب الصخورُ 

شاهداً كالدهر  

يطوفُ البحّارُ عارياً 

ومجذافهُ فوقَ الضلوعِ مُحطّم 

كان العالمُ يَصْغُر 

يَصْغُرُ 

ويَصْغُرُ 

حتى يصبحَ بلونِ وشمٍ أخضر 

لكنّ الأغنية 

ما زال يسمعُ تِردادها  

كوخي محطّة

أيّتها الغجريةُ ترجّلي عن حصانِك 

المسافرِ إلى لا مكان 

ولا زمان  

اجعلي كوخي محطة 

فارسٌ أنا من التاريخِ قادم 

أنتظرْ 

أحملُ ترساً وسيفاً صَدِئاً 

أبحثُ عن عروسٍ اختطفت أحلامي 

رقصتْ على جرحي 

وتوارّتْ عند الفجر 

تركَتْ دمي يمتزجُ بالعشب 

بالنهرِ.. بلحمِ الشجر 

نحوَ شمسي الغاربةِ.. أركض 

أحملُ الجرحَ والعذابَ وزهرةً ذابلة 

حصاني على الدربِ كَبَا 

أضناهُ المسير 

حلمي صارَ قرنفلةً حمراء 

في حوضِ المرج 

وقلبي حبّةُ قمحٍ تحتَ حَجَرِ الطاحون 

أيتها المسافرةُ إلى المجهول 

ترجّلي عن حصانِك 

واجعلي كوخي محطّة 

الرّعشةُ في صدري

وجهُكِ.. حُبّك  

يسكنني وتتملّكني الرعشة 

كأسي خمرةُ عشقٍ أزليّة 

وقيثارتي حُبلى بالنَّغَم 

صوتُكِ أغنيةٌ تتردَّدُ في الأفق 

رغمَ تَكَسُّرِ الأحلامِ والمرايا 

والعالمُ وِشاحٌ من الغَمامِ يَلُفُّنا 

وجهُكِ.. حُبّك 

يسكنني وتتملّكني الرعشة 

أسافرُ أهاجرُ إلى مدنٍ 

أقفلتْ أمامَ العشّاقِ نوافذَها 

وطيْفُكِ يرافقني والهوى 

وشاهِدُنا نجمةٌ وقِنديل 

وشلّالُ ضوءٍ يسبحُ في أعماقنا 

وجهُكِ.. حُبّك  

يسكنني وتتملّكني الرعشة 

نمتُ وحبيبتي على صدرِ البحر 

عيوننا نجومٌ ملوّنةٌ في ميناءِ المدينة 

يحملُ أنباءَ عشقنا المسافرينَ الصغار 

أحلامُنا شراعٌ يشقُّ الطريق 

نحوَ الأثيرِ.. الأثير 

بحرٌ بلا شواطىء

أُبْحِرُ إليكِ 

عَبْرَ المسافاتِ 

أنفاقًا طويلة 

بين شاطئ الوصولِ، 

وخطِّ الإنطلاقِ 

حياةٌ قصيرة 

دربي إليكِ مزروعةٌ 

غابةَ آمالٍ قتيلة 

والحقيقةُ طوقٌ للنجاة 

وسلوكي إليكِ 

عشقٌ للمناراتِ 

بعد أن فقدتُ 

في ظلمةِ الليلِ قناديلك 

الحياةُ بحرٌ بغير شواطىء 

أو شواطىءٌ بغيرِ حياة 

 

أعود وأُبْحِرُ إليكِ 

لفكِّ الحصار 

أُبَدِّلُ مِياهي مِياهً نقيّة 

واسمكُ أكتبُ 

كتاباتاً جَلِيّة 

بعد أن أكلَ منها الزمنُ النقاط 

أتهجأُ أحرفَاً  

وطلاسمَاً مرسومةً بغيرِ كلمات  

رموزاً.. رموزأً.. رموز 

بين الرموزِ أَغوصُ وأُبْحِر 

واستخلصُ من بينِ الرموزِ.. رموز 

هياكلاً غاصتْ 

ومن الأعماقِ ينبتُ حلمِ نهوض 

أُبْحِرُ إليكِ، عبرَ المسافات 

أنفاقًا طويلة 

ويُردّدُ الصدى، لكنها غيرَ مستحيلة 

وأضاعِفُ في قَدَري الجهود 

ويعانقُ حلمي.. أملَ النهوض 

الزرقان

أحملُ قنديلي والنُّذور 

ورائحةَ الوردِ والبخور 

أبحثُ عن وجهِ أمّي وأمّتي 

القابعِ منذُ زمنٍ بين صقيعِ الصخور 

جثثٌ.. 

جثثٌ.. 

جثث 

ورائحةُ العفنِ تنبعثُ من أمواتٍ 

مزروعةً بلا قبور 

وبقعِ الدمِ تغطي الأرضَ والحقول 

كالبرقوقِ الذابل 

في أغاني المنشدين 

علميني أيّتها الفراشةُ المحترقةُ في النور 

الهروبَ من الظلمة 

والحزنَ المقهور 

ارفعي جسدي 

فوق الحدود والسّدود 

علّني أتّحدُ 

في مواكبِ الخلود 

نبؤةُ الأرض

هوى كالنيزكِ من الأعالي مدّت ذراعيْها الأرضُ واحتضنته فتح بابَ اللحدِ وانتصبَ كالماردِ.. كغيمةِ الشتاءِ كداليةِ العنب من بين الجماجمِ والدمِ والرقاد كطائرِ الفينيقِ انبعثّ من الرماد اخضرّت الأرض أثمرت البياراتُ وأزهرت الحقول تبدّلَ العشقُ على مدارِ الفصول أيّها العاري امتشقْ سيفاً من حديد اغرسهُ في دمِ الأفق اغرسهُ في خاصرةِ العبيد زلزل براحتيْكَ الأرض تولدُ الشمسُ من جديد

العاشق

لفّوهُ بالكفنِ 

لفّوهُ بالعَلَم 

ازرعوهُ شجرةً 

للعشقِ الأبديِّ 

فوقَ أعالي الصخور 

وانثروا فوق جسدهِ 

الزهورَ والبخور 

حملتهُ أمّهُ قرباناً للوطن 

زُفّوهُ للأرضِ عريساً 

وانشدوا مواويل الحصادِ 

للجباهِ السُّمْرِ 

الآتيةِ من بعثِ الرماد 

"جودو" للمرجِ عاد 

خالعاً ثوباً كثيفاً 

حاملاً جسداً لطيفاً 

فارقصي يا طيورُ 

وزغردي يا زهور 

العاشقُ للأرضِ عاد 

لفّوهُ بالكفنِ 

لفّوهُ بالعَلَم 

الخلاص سيف

أسافرُ في نفقٍ مظلم  

جسدي محمولٌ على عربة 

تجرّها جيادٌ سبعة 

بين فتحةِ الولادة.. وحفرةِ الموت 

تتجدّدُ الحياةُ.. حياة 

وأعبرُ البحورَ السبعة 

ضحايا الغدرِ 

مصلوبةً على أعمدةِ الزمن 

والعشبَ الليلكيُّ 

يطلعُ من جرحِ الأرض 

والبرقوقَ الأحمرُ يزيّنُ كلَّ الفصول 

الأيام حواجز.. 

لا تستطيع إيقافَ صعودي 

وعربةُ الزمنِ 

تحملُ الشمسَ والدماءَ وانهيارَ الجدار  

أسمعُ صوتاً من الضبابَ ينادي  

انهضوا أيّها الموتى 

إنَّ مرحلةً جديدةً قد بدأت 

أشعِلوا قناديلَ الزيتِ، للأجسادِ المهزومة 

أَخرِجوا الليلَ من جلودِكم 

وارتدوا عباءةً بلونِ أحلامكم 

واعبروا إلى الضفةِ الأخرى المضاءةِ بالنجوم 

اكتبوا البداياتَ من جديد 

واحملوا على أكتافكم بحيراتَ العشقِ الأبديّ 

دعوا الطيورَ تسكنُ عيونَ الغابات  

مدّوا أذرعكم جسوراً.. تعبرُ عليها الأطفال 

علّنا نستطيعُ أن نكتبَ على جدارِ الصمتِ 

التاريخَ من جديد 

الفجرُ آت

أَمتطي الريحَ والرعدَ  

وصهوةَ حبِّكِ الجامح 

وأحملُ قُرصَ الشمسِ الأبديِّ والأملَ 

وجرحيَ النازف 

وأعبرُ معكِ المسافاتَ 

إلى حافّةِ الوطنِ والحياة 

بحدِّ السيفِ هزمتُ جنّياتَ البحر 

وهزمتَ عمالقةَ الجبل 

تلتهبُ الثلوجُ تحت قدميّ 

ويختفي البرقُ تحت خطوط راحتي  

والعاصفةُ تسكنُ عيوني والأُفق 

على رأسي تاجُ الفقراء 

وفي صدري حلمُ البؤساء 

ضاجعتُ غيمةً صباحيّةً 

حَمِلَتْ بالمطر 

أميراتُ الأثيرِ يرقصنَ حولي 

وحمائمُ الربيعِ تغنّي صغارَها 

لبيكِ حبيبتي 

قادمُ إليكِ على حصانٍ مُجَنَّحٍ 

يشقُّ صدرَ الصحراءِ العربية 

هذا رمحي أَغْرِسْهُ زيتونةً 

على تلالِ الوطن 

دمي خمرةٌ للآلهة 

قربانٌ لوجنتيْكِ 

وفمي وردةٌ حمراءَ تنتظر 

قَبِّلِي حبيبتي جرحيَ النازف 

يحملني حبّكِ على العطاءِ.. العطاء 

نداءٌ إلى امرأةٍ صمّاء

حبيبتي تقفُ على كَتِفِ البحر 

منارةً.. وراياتَ عشقٍ 

للآتينَ 

والغرباءِ التائهين بين الشُّطآن  

قامتُها مشرّعة 

للشمسِ والريحِ وأمطارِ الشتاء  

أبحرتُ إليكِ سفر حزين 

أحملُ بين ضلوعي الشوقَ والحنين 

بلا زَوْرقٍ ولا مجذافٍ ولا بوصلة  

تلاحقني أمواجٌ هوجاء 

وغيومٌ غبراء 

ورياحُ الخماسين 

وحبيبتي محجوبةٌ عني 

بالضبابِ.. والسّرابِ.. وستائرِ السّحاب 

منقارُ نسرٍ يلاحقني 

بين المسافةِ والمسافة 

مرتدياً ثوبَ غُراب 

مُدّي يدكِ حبيبتي 

إني أغرقُ في العدمِ 

وسوادِ الخَراب.. 

يدٌ تلوّح للرايةِ والمنارة 

ويدٌ يأكلها الضباب 

طريقُ اللاعودة

أيّتها القابعةُ 

بين انكسارِ المرايا 

وسوادِ المراثي 

أيامكِ دفترُ أشعاري 

وأحلامكِ سفري ونهاري 

أحملكُ على كتفي راية 

وأمضي إليكِ أكسرُ قيدي 

وتتوهُ العتمةُ في دربي 

أيّتها القابعةُ في الجُبِّ 

أحملكُ نجمةً في حبّي 

وأطوي مسافاتَ البعدِ 

أصعدُ على أفقِ الغيمِ 

وأسيرُ على جثث الضيْم 

أحملكُ صليباً في نعشي 

ويهتزُّ في الأفق العرشِ 

ويهوي التاجُ والكرسيّ 

نَدُكُّ الأرضَ بأيدينا 

نحطمُ سوادَ ليالينا 

تتبعنا ظلالُ أهالينا 

وأظلُّ على الدربِ أمشي 

أحملُ على كتفي نعشي 

هل تُزْهِرُ النّجوم؟

أيّتُها الواقفةُ محتارةً   

بين نجمةِ المساءِ.. ونجمةِ الصبحٍ 

عهداً ووعداً أن أنتظركِ 

ألف عامٍ وعام 

حتى يحملكِ البحرُ إليّ 

مع رائحةِ البخورِ ومواويلِ البحّارة 

والأشرعةِ المتعبةِ من سفرِ الأيام 

يا شَطْرَ قمري التوأم 

في ليلةٍ خَلَتْ من النجوم 

يا نهداً مشرئباً 

على صدرِ جزيرةٍ غرقى 

ما بينَ الشاطئِ والشاطئ 

عهداً ووعداً أن أنتظركِ 

ألفَ عامٍ وعام 

حتى أنتصرَ لكِ 

وبكِ 

ومعكِ 

وينتصرُ حلمُنا المُبْحِرُ 

إلى عكّا 

إلى يافا وحيْفا 

حبّكِ بوصلتي بين بحرِ المنافي 

وشاطئِ الأماني 

سأزفُّ شموعكِ الأربع 

على أنغامِ قيثارتي 

الى جهاتِ الكونِ الأربعٍ 

وأنتظركِ مع راياتِ النصرِ 

ولو كلّفني ذلكَ ألفَ عامٍ وعام 

بكِ أبدأُ المسافةَ حبيبتي 

وأَخْتِمُها معكِ 

طريقُ الآلام

دمي يَضجُّ بركانا  

وصدري انشطارُ الصّواري والضّلوع 

قلبي يحملُ صورتكِ والحُلُم 

وقدمي تحملني إلى اللارجوع 

صورتكِ في الأفقِ سديم 

وقيثارتي نَغَمٌ حزين 

سيفُ الغدرِ بالخاصرةِ والجرح 

والدمُ برقوقٌ ينبتُ في حقلِ الجسد 

الطريقُ مزروعٌ بالجماجمِ والأسلاكِ الشائكة 

وبقايا قِلاع 

والزهورُ ذابلةٌ على الجانبيْن 

أحملُ طيفكِ عشقاً أبديّاً وزادَ طريق 

والمنافي والزنانير وسوطَ جلادٍ 

يسكنُ العينيْن 

أيّتُها الحوريةُ السفليّةُ بين الماءِ والماء 

في جُزِرِ الصّقيع 

أيّتُها الناعسةُ بعد طولِ انتظار 

أغمضي عينيْكِ عن كسوفِ الشمسِ 

وانشطارِ الأقمار 

لم يعدْ في الأفقِ سوانا 

أنا وأنتِ.. وخارطةُ الجرح 

حصاني مُسْرَجٌ بأجنحةِ الفراشات

كوني حبيبتي مركبةَ الشمس 

احملي جسدي شراعاً أبيض 

وأحلامَ عشقي الأخضر 

ابحري بي إلى سفرٍ بعيد 

واجعلي تقويمَ حياتي يومَ عيد 

أدخليني جَوْفَ الموتِ الأسطوريّ 

وفكَّ التنينِ الأحمر 

وتفجّري نافورةَ ماءٍ 

في عمقِ المحيط 

انثري في الأفقِ البخور 

ورائحةَ المسكِ والعنبر 

كوني الجمعَ بين البرازخ 

ودربَ الهدى بينَ الأفلاك 

لفارسٍ مسافرٍ إلى البعيدِ البعيد 

ارسمي دائرة الشمسِ على ترسي 

وشعلةَ الشُّهِبِ على رُمحي 

واسرجي حصاني بأجنحةِ الفراشات  

وامسحي عن أجسادِ الشموخِ البَوَاسِلِ 

بقايا الدموع 

ازرعي أجنحةً للأسماكِ المسجونةِ في الأعماق 

وردّدي مواويلَ البحّارةِ في المنافي 

واحملينا جميعاً إلى المركبةِ المسافرةِ 

على خيوطِ الشمسِ 

في صبيحةِ يومِ الفرحِ والعيد 

طيف

أجمعُ نجماتَ البحرِ 

وأنثرُها 

في ليلِ شعركِ الأسود 

وأحملكِ بين ذراعيّ 

طيفاً أثيريّاً 

إلى شواهدِ الصخور 

حبيبتي.. 

هل تسمعينَ قيثارتي 

ينبعثُ منها الضوءُ والنّغَمُ 

للطيورِ وصغارِ النُّسور 

أفتح نافذةً في الريح 

تحملني إلى الوطن 

حيث ترقدُ أنصابُ الأبطال 

وتماثيلُ الرجالِ.. الرجال 

لا تخافي حبيبتي من الأعالي 

ولا تصرخي 

سأترككِ تسقطينَ في الموجِ الأزرق 

غوصي حبيبتي في أعماقِ البحرِ 

بعيدةً عن شواطئِ الطغاة 

حيث يسكنُ اللؤلؤُ والمرجان 

وتسكنُ أحلامُ الشعراء 

انتظريني عند تخومِ النجم

أُعلنُ أنّي عندَ الفجر 

أفتحُ موتي 

وأتلو بَسْمَلةَ الحبِّ 

على جسدي 

وأُبْحِرُ صعوداً إلى النجمِ الأبيض 

شمعةٌ طولَ الرمحِ ترافقني 

تَنْسِجُ الضوءَ والحلم 

شمعةٌ بمثل قامتي انتصبتْ 

عينُها للسماوات ارتفعتْ 

وفي صعودي أغويْتُ غيمةً 

استلقتْ.. اضّجعتْ 

ومني بالمطرِ حَمِلَتْ 

بعد سقوطِ الغيمِ مطر 

تابعتُ صعودي في سفر 

 حتى حقّقتُ الوصول 

وعند الوصالِ.. 

حبيبتي ابتسمتْ 

وكأنّ النجومَ والشمسَ والقمرَ 

في ثغرها اجتمعتْ 

ها أنتِ حقّقتِ الأضداد 

شفتاكِ القُرمزيّتان 

من حمرةِ الشَّفَق 

وبسمتكِ طلوعُ النهار 

أُعلنُ أني عندَ الفجرِ   

سأفتحُ موتي 

وأتلو بسملةَ الحبِّ على جسدي 

أُبحر صعوداً إلى النجمِ الأبيض 

في الفلكِ أفتحُ بابَ الجمر 

أجتازُ بصعودي سوادَ الأفق 

وبيتي الرمزُ والطّلْسَم 

بابٌ مغلقٌ.. مُقْفَل 

دونَ شارعٍ أو عنوان 

حبّكِ بوصلتي ونشيدي 

أُقْسِمُ.. قَسَمَ البحرِ للرُّبّان 

أعبرُ الماء.. إلى الشطآن 

أُبحرُ صعوداً  

وشمعةٌ طولَ الرمحِ 

ترافقني 

تنسجُ ليَ الضوءَ والحلم 

تحلُّ الرمزَ والطلسم 

وتعزفُ أعْذَبَ اللحْن 

شمعةٌ بمثلِ قامتي 

انتصبتْ 

وعينُ النورِ إلى السماءِ 

ابتهلتْ 

وعقدتْ قراناً مع بياضِ النجم 

حبيبتي من ملكوتِ الشعرِ 

اقتاتَتْ.. 

هجرتْ سوادً الليلَ 

وبحرَ الحزنِ والسّقْم 

البعث

إنّهُ النزعُ الأخير 

جسدي مصلوبٌ 

على شجرةٍ جشرةٍ يابسة 

والطيورُ حولي تَنْتَحِب 

انقطعَ الوَتَرُ عن الغناء 

واتّشَحَ الأفقُ بالسّواد 

حاجباً عنّي الضياءَ 

وأنا في النزعِ الأخير 

يا بُنَيَّ.. 

أَشْعِلْ في جسدي 

نارَ البعثِ المقدّسة 

واحملهُ رماداً 

ازْرَعْهُ في أرضِ الوطنِ 

ينبتُ قمحاً وورود 

للجياعِ في وطني 

وخلفَ الحدود 

بانتظارِ المُخَلِّص

الصوتُ الآتي  

من الأعماقِ يسألني 

تُرى يأتي المُخَلِّص؟ 

روحي أسيرة 

وجسدي مصلوب 

وجرحي بلونِ المُرجان الأحمر 

سراجي نزفُ فيروزٍ أزرق 

وبين مَهْدي ولَحْدي 

بحيرةٌ من الدم 

أجتازها بلا زَوْرَق.. 

يعبرُ الماضي 

وعبقُ الزنابقِ في صدري 

وصدى أغنيةٍ قديمة 

دمي يهاجر خائفاً 

وجرحي يبقى مفتوحاً 

وجسدي ثلجٌ أبيض 

والصوتُ الآتي 

من الأعماقِ يسألني 

تُرى يأتي المُخَلِّص؟ 

رؤى دمويّة تحاصرني 

وتقتل الأملَ في صدري 

والظلمةُ تحلُّ ضفائرها 

وترحلُ كلُّ الأغاني 

ويبقى الصمتُ والليلُ 

وجرحيَ المفتوح 

وصدى أغنيةٍ قديمة 

والصوتُ الآتي 

من الأعماقِ يسألني 

تُرى يأتي المُخَلِّص؟