المرأة | أيقونة للجمال والهوية
تحضر المرأة في أعمال توفيق عبد العال في حالات عدة تختزل في مجملها دلالات كثيرة تشير إلى الذات، الجسد، الوطن، الأرض، الثورة، والحب، والحرية. ويرى الناقد خليل صفية أن حضور المرأة في أعمال عبد العال رمزيّ، بل هي الرمز الأساسي عنده، بالإضافة إلى الحصان وعناصر أخرى استوحاها عبد العال من الإرث المكاني والثقافي. وإذا كانت المرأة في مجموعة من أعماله، قد ارتدت الزي الفلسطيني، واكتست بألوان المشهد الطبيعي في فلسطين وتماهت معه، فإنها تحضر في الكثير من اللوحات الأخرى أنثى طاغية الحضور، يقلقها العشق والانتظار، في حين يبقى جسدها موضوعًا للجمال والتأمل.
حتى في أعماله الزيتية التي تصور الجسد الأنثى عاريًا، لم يبتعد توفيق عبد العال عن جدليّة العلاقة بين الجسد ــ الأرض ــ الذاكرة في تمثيل رؤيته المعرفيّة للمرأة؛ ففي سنوات طفولته في عكّا، كان مسموحًا للأطفال بمرافقة النساء إلى حمام الباشا، وهو ــ كما يروي علي خلف ــ الحمام الشرقي المشهور بقبابه المزينة بالزجاج المطعّم، وأباريقه النحاسية وداوشقه وشدروانه الدائري، وقد استمدت عشرات اللوحات موضوعها من هذا الحمام.
الجسد في أعمال أخرى حاضر بقوة وثقل، بألوانٍ أقرب إلى طين الأرض، وبخطوطه وانحناءاته الحادة والبارزة، في حالات من الانتظار والعشق والعناق والشبق، والملل والانكسار أيضًا. وبينما كانت المرأة استعارة للوطن والأرض في أعمال الرواد، وتظهر ــ غالبًا ــ بغطاء الرأس وبالزي التقليدي الطويل، ما جاء على حساب صورة المرأة ــ كإنسان وأنثى وجسد، فإن توفيق عبد العال أظهر جرأة مبكرة في تصوير المرأة مُبْرِزًا أنوثتها وإنسانيّتها ومختلف حالاتها بقوتها وضعفها، وفي ذات الوقت، فإنه وعلى الرغم من عريّ الجسد إلا أن العلاقة مع الأرض حاضرة أيضًا، فالأنثى في هذه الأعمال هي الوطن المفقود والمرتجى.